3830- عمر بن الخطاب
ب د ع: عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن [ص: 138] رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي أبو حفص وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، فعلى هذا تكون أخت أبي جهل، وعلى الأول تكون ابنة عمه، قال أبو عمر: ومن قال ذلك، يعني: بنت هشام فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل، والحارث ابني هشام، وليس كذلك وإنما هي ابنة عمهما، لأن هشاما وهاشما ابني المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة، وهشام والد الحارث، وأبي جهل، وكان يقال لهاشم جد عمر: ذو الرمحين.
وقال ابن منده: أم عمر أخت أبي جهل، وقال أبو نعيم: هي بنت هشام أخت أبي جهل، وأبو جهل خاله، ورواه عن ابن إسحاق.
وقال الزبير: حنتمة بنت هاشم فهي ابنة عم أبي جهل، كما قال أبو عمر، وكان لهاشم أولاد فلم يعقبوا.
يجتمع عمر، وسعيد بن زيد، رضي الله عنهما، في نفيل.
ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، روي عن عمر، أنه قال: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين.
وكان من أشرف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشا كانوا إذا وقع بينهم حرب، أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيرا، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، رضوا به، بعثوه منافرا ومفاخرا.
إسلامه رضي الله عنه
لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان عمر شديدا عليه، وعلى المسلمين، ثم أسلم بعد رجال سبقوه، قال هلال بن يساف: أسلم عمر بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، وقيل: أسلم بعد تسعة وثلاثين رجلا وعشرين امرأة، فكمل الرجل به أربعين رجلا.
[ص: 139]
(1188) أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي، بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه، قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني، أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا صفوان بن المغلس، حدثنا إسحاق بن بشر، حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلا وامرأة، ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: {يأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين}
وقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير: أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلا، وإحدى عشرة امرأة.
وقال سعيد بن المسيب: أسلم عمر بعد أربعين رجلا وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر، فظهر الإسلام بمكة.
وقال الزبير: أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب، أو عمرو بن هشام، يعني أبا جهل ".
(1189) أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة، بإسناده إلى عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد، قال: قال عمر بن الخطاب " خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال، فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش، قال: فقرأ: {إنه لقول رسول كريم (40) وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون} قال: قلت: كاهن، قال: {ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون (42) تنزيل من رب العالمين (43) ولو تقول علينا بعض الأقاويل (44) لأخذنا منه باليمين (45) ثم لقطعنا منه الوتين (46) فما منكم من أحد عنه حاجزين} إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع "
(1190) أنبأنا العدل أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي الدمشقي، أنبأنا الشريف النقيب أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد، قراءة عليهما، وأنا أسمع، قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أنبأنا محمد بن عوف سفيان الطائي، قال: قرأت على إسحاق بن إبراهيم الحنفي، قال: [ص: 140] ذكره أسامة بن زيد، عن أبيه، عن جده أسلم، قال: قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قلنا: نعم، قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا يوما في يوم حار شديد الحر بالهاجرة، في بعض طرق مكة، إذ لقيني رجل من قريش، فقال: أين تذهب يابن الخطاب؟ أنت تزعم أنك هكذا، وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك؟ ! قال، قلت: وما ذاك؟ قال: أختك قد صبأت، قال: فرجعت مغضبا، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة، فيكونان معه، ويصيبان من طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، قال: فجئت حتى قرعت الباب، فقيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، قال: وكان القوم جلوسا يقرءون القرآن في صحيفة معهم، فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا، وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم، قال: فقامت المرأة ففتحت لي، فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! قال: فأرفع شيئا في يدي فأضربها به، قال: فسال الدم، قال: فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم قالت: يابن الخطاب، ما كنت فاعلا فافعل، فقد أسلمت، قال: فدخلت وأنا مغضب، فجلست على السرير، فنظرت، فإذا بكتاب في ناحية البيت، قلت: ما هذا الكتاب؟ أعطينيه، فقالت: لا أعطيك، لست من أهله، أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا لا يمسه إلا المطهرون! قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه، فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم " فلما مررت ب: " الرحمن الرحيم "، ذعرت ورميت الصحيفة من يدي، قال: ثم رجعت إلى نفسي، فإذا فيها: {سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} قال: فكلما مررت باسم من أسماء الله عز وجل ذعرت، ثم ترجع إلي نفسي، حتى بلغت: {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} حتى بلغت إلى قوله: {إن كنتم مؤمنين} ، قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، قال: فخرج القوم يتبادرون بالتكبير، استبشارا بما سمعوه مني، وحمدوا الله عز وجل ثم قالوا: يابن الخطاب، أبشر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم الإثنين، فقال: " اللهم أعز الإسلام بأحد الرجلين: إما عمرو بن هشام، وإما عمر بن الخطاب "، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، فأبشر، قال: فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم: أخبروني بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هو في بيت في أسفل الصفا، وصفوه، قال: فخرجت حتى قرعت الباب، قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، قال: وقد عرفوا شدتي على [ص: 141] رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلموا بإسلامي، قال: فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " افتحوا له، فإنه إن يرد الله به خيرا يهده "، قال: ففتحوا لي، وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقال: " أرسلوه "، قال: فأرسلوني، فجلست بين يديه، قال: فأخذ بمجمع قميصي فجبذني إليه، ثم قال: " أسلم يابن الخطاب، اللهم اهده "، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فكبر المسلمون تكبيرة، سمعت بطرق مكة، قال: وقد كان استخفى، قال: ثم خرجت، فكنت لا أشاء إن أرى رجلا قد أسلم يضرب إلا رأيته، قال: فلما رأيت ذلك قلت: لا أحب إلا أن يصيبني ما يصيب المسلمين، قال: فذهبت إلى خالي، وكان شريفا فيهم، فقرعت الباب عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب، قال: فخرج إلي، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم، قال: لا تفعل! قال: فقلت: بلى، قد فعلت، قال: لا تفعل! وأجاف الباب دوني وتركني، قال: قلت: ما هذا بشيء! قال: فخرجت حتى جئت رجلا من عظماء قريش، فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: عمر بن الخطاب، قال: فخرج إلي، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟ قال: فعلت؟ فقلت: نعم، قال: فلا تفعل! قلت: قد فعلت، قال: لا تفعل! قال: ثم قام فدخل، وأجاف الباب دوني، قال: فلما رأيت ذلك انصرفت، فقال لي رجل: تحب أن يعلم إسلامك؟ قال: قلت: نعم، قال: فإذا جلس الناس في الحجر، واجتمعوا أتيت فلانا رجلا لم يكن يكتم السر، فاصغ إليه، وقل له فيما بينك وبينه: إني قد صبوت، فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه، قال: فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه، فقلت: أعلمت أني قد صبوت؟ فقال: ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا، قال: فما زال الناس يضربوني وأضربهم، قال، فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب! قال: فقام على الحجر فأشار بكمه، فقال: ألا إني قد أجرت ابن أختي، قال: فانكشف الناس عني، وكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب إلا رأيته، وأنا لا أضرب، قال، فقلت: ما هذا بشيء حتى يصيبني مثل ما يصيب المسلمين؟ قال: فأمهلت حتى إذا جلس الناس في الحجر، وصلت إلى خالي، فقلت: اسمع، فقال: ما أسمع؟.
قال قلت: جوارك عليك رد، قال: فقال: لا تفعل يابن أختي، قال قلت: بل هو ذاك، فقال: ما شئت! قال: فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام.
[ص: 142]
أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي، بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: ثم إن قريشا بعثت عمر بن الخطاب، وهو يومئذ مشرك، في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله في دار في أصل الصفا، فلقيه النحام، وهو نعيم بن عبد الله بن أسيد، وهو أخو بني عدي بن كعب، قد أسلم قيل ذلك، وعمر متقلد سيفه، فقال: يا عمر، أين تريد؟ فقال: " أعمد إلى محمد الذي سفه أحلام قريش، وشتم آلهتهم، وخالف جماعتهم، فقال النحام: والله لبئس الممشى مشيت يا عمر! ولقد فرطت وأردت هلكة عدي بن كعب! أو تراك تفلت من بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟ فتحاورا حتى ارتفعت أصواتهما، فقال له عمر: إني لأظنك قد صبوت، ولو أعلم ذلك لبدأت بك! فلما رأى النحام أنه غير منته، قال: فإني أخبرك أن أهلك، وأهل ختنك قد أسلموا، وتركوك، وما أنت عليه من ضلالتك، فلما سمع عمر تلك بقولها، قال: وأيهم؟ قال: ختنك، وابن عمك، وأختك، فانطلق عمر حتى أتى أخته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتته طائفة من أصحابه من ذوي الحاجة، نظر إلى أولي السعة، فيقول: عندك فلان، فوافق ذلك ابن عم عمر وختنه، زوج أخته، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت، وقد أنزل الله تعالى: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى (2) } .
وذكر نحو ما تقدم، وفيه زيادة ونقصان، قال ابن إسحاق: فقال عمر عند ذلك، يعني إسلامه: والله لنحن بالإسلام أحق أن نبادي منا بالكفر، فليظهرن بمكة دين الله، فإن أراد قومنا بغيا علينا ناجزناهم، وإن قومنا أنصفونا قبلنا منهم، فخرج عمر وأصحابه فجلسوا في المسجد، فلما رأت قريش إسلام عمر سقط في أيديهم.
قال ابن إسحاق: حدثني نافع، عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب قال: أي أهل مكة أنقل للحديث؟ فقالوا: جميل بن معمر. فخرج عمر وخرجت وراء أبي، وأنا غليم أعقل كل ما رأيت، حتى أتاه فقال: يا جميل هل علمت أني أسلمت؟ فوالله ما راجعه الكلام حتى قام يجر رداءه، وخرج عمر يتبعه، وأنا مع أبي، حتى إذا قام على باب مسجد الكعبة، صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، إن عمر قد صبأ. فقال عمر: كذبت! ولكني أسلمت. فثاوروه، فقاتلوه وقاتلهم حتى قامت الشمس على رؤوسهم، فطلح وعرشوا على رأسه قياما وهو يقول: " اصنعوا ما بدا لكم، فأقسم بالله لو كنا ثلاثمائة رجل تركتموها لنا، أو تركناها لكم ".
وذكر ابن إسحاق أن الذي أجار عمر هو العاص بن وائل أبو عمر بن العاص [ص: 143] السهمي وإنما قال عمر إنه خاله لأن حنتمة أم عمر هي بنت هاشم بن المغيرة، وأمها الشفاء بنت عبد قيس بن عدي بن سعد بن سهم السهمية، فلهذا جعله خاله، وأهل الأم كلهم أخوال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: " هذا خالي " لأنه زهري، وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم زهرية. وكذلك القول في خاله الآخر الذي أغلق الباب في وجهه أنه أبو جهل، فعلى قول من يجعل أم عمر أخت أبي جهل، فهو خال حقيقة، وعلى قول من يجعلها ابنة عم أبي جهل، يكون مثل هذا.
وكان إسلام عمر في السنة السادسة، قاله محمد بن سعد.
أخبرنا غير واحد إجازة قالوا: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا أبو علي بن القهم أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق؟ قالت: النبي صلى الله عليه وسلم.
حزرة: بفتح الحاء المهملة، وتسكين الزاي، وبعدها راء، ثم هاء.
(1193) قال: وأنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا أحمد بن محمد الأزرقي المكي، حدثنا عبد الرحمن بن حسن، عن أيوب بن موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق: فرق الله به بين الحق والباطل ".
وقال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق
(1194) أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي، قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى بن أخي هناد بن السري بالكوفة، حدثنا شعيث بن إبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن وائل بن داود، عن [ص: 144] يزيد البهي، قال: قال الزبير بن العوام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب "
(1195) أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا جعفر بن عون ويعلى بن عبيد والفضل بن دكين، قالوا: حدثنا مسعر، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: قال عبد الله بن مسعود كان إسلام عمر فتحا، وكانت هجرته نصرا، وكانت إمارته رحمة، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا "
(1196) قال: وحدثنا ابن مردويه، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير، عن عمر بن سعيد، عن مسروق، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، قال: " لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قربا، فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بعدا "
هجرته رضي الله عنه
(1197) أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله الدقاق، إذنا، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الجوهري، إملاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني، بالبصرة، حدثنا الزبير بن محمد بن خالد العثماني، بمصر، سنة خمس وستين ومائتين، حدثنا عبد الله بن القاسم الأبلي، عن أبيه، عن عقيل بن خالد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن العباس، قال: قال لي علي بن أبي طالب " ما علمت أن أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعا متمكنا، ثم أتى [ص: 145] المقام، فصلى متمكنا، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده، ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي، قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه "
(1198) أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي، بإسناده، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب، قال: لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، قلنا: الميعاد بيننا التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فليمض صاحباه، فأصبحت عندها أنا وعياش بن أبي ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن، وقدمنا المدينة.
قال ابن إسحاق: نزل عمر بن الخطاب، وزيد بن الخطاب، وعمرو، وعبد الله، ابنا سراقة، وخنيس بن حذافة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وواقد بن عبد الله، وخولي بن أبي خولي، وهلال بن أبي خولي، وعياش بن أبي ربيعة، وخالد وإياس وعاقل بنو البكير، نزل هؤلاء على رفاعة بن المنذر، في بني عمرو بن عوف.
(1199) أنبأنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن بدران، أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الفارسي، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عمرو بن محمد أبو سعيد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال: " أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أخو بني فهر، ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، فقلنا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هو على أثري، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه "
شهوده رضي الله عنه بدرا وغيرها من المشاهد
شهد عمر بن الخطاب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، وأحدا، والخندق، وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنينا، وغيرها من المشاهد، وكان أشد الناس على الكفار، وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسله إلى أهل مكة يوم الحديبية، فقال: يا رسول الله، قد علمت قريش شدة عداوتي لها، وإن ظفروا بي قتلوني، فتركه، وأرسل عثمان.
[ص: 146]
(1200) أنبأنا أبو جعفر بن السمين، بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، قال: " وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين على واد يقال: ذفران، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعضه نزل، وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فقال أبو بكر فأحسن، ثم قام عمر، فقال فأحسن ".
وذكر تمام الخبر.
وهو الذي أشار بقتل أسارى المشركين ببدر، والقصة مشهورة.
وقال ابن إسحاق، وغيره من أهل السير: ممن شهد بدرا من بني عدي بن كعب: عمر بن الخطاب بن نفيل، لم يختلفوا فيه.
وشهد أيضا أحدا، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1201) أنبأنا عبيد الله بن أحمد، بإسناده، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة، قالا: لما أراد أبو سفيان الانصراف أشرف على الجبل، ثم نادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال يوم بيوم بدر، اعل هبل، أي أظهر دينك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: " قم فأجبه "، فقال: الله أعلى وأجل، لا سواء قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، فلما أجاب عمر أبا سفيان، قال: أبو سفيان: هلم إلي يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ائته، فانظر ما يقول "، فجاءه، فقال له أبو سفيان: أنشدك بالله يا عمر، أقتلنا محمدا؟ قال: لا، وإنه ليسمع كلامك الآن، فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة، وأبر لقول ابن قمئة لهم: قد قتلت محمدا
علمه رضي الله عنه
(1202) أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد بن عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، حدثنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: قال ابن مسعود لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان، ووضع علم الناس في كفة ميزان لرجح علم عمر، فذكرته لإبراهيم، فقال: قد والله، قال عبد الله أفضل من هذا، قلت: ماذا قال؟ قال: لما مات عمر ذهب تسعة أعشار العلم.
(1203) أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد، وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر، قال: [ص: 147] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت كأني أتيت بقدح لبن، فشربت منه، وأعطيت فضلي عمر بن الخطاب "، فقالوا: ما أولته يا رسول الله؟ قال: " العلم "
(1204) أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الحافظ، إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد، حدثنا أبو محمد الجوهري، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل بن الجراح، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله النيري، حدثنا أبو السائب، قال: سمعت شيخا من قريش، يذكر عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر، قال: " والله ما رأيت أحدا أرأف برعيته، ولا خيرا من أبي بكر الصديق، ولم أر أحدا أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله، ولا أقوم بحدود الله، ولا أهيب في صدور الرجال من عمر بن الخطاب، ولا رأيت أحدا أشد حياء من عثمان بن عفان
زهده وتواضعه رضي الله عنه
(1205) أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم الدمشقي، إجازة، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر بن المزرفي، حدثنا أبو الحسين بن المهتدي، أنبأنا علي بن عمر بن محمد الحربي، حدثنا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاشي، حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال طلحة بن عبيد الله " ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاما، ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة "
(1206) قال: وأنبأنا أبي، حدثنا أبو علي المقرئ، كتابة، وحدثني أبو مسعود الأصبهاني، عنه، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا أحمد بن سعيد بن جرير، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي سلمة، قال: قال سعد بن أبي وقاص: " والله ما كان عمر بأقدمنا هجرة، وقد عرفت بأي شيء فضلنا، كان أزهدنا في الدنيا "
(1207) أنبأنا ابن أبي حبة، وغيره، أنبأنا أبو غالب بن البنا، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه وأبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس، قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، أنبأنا الحسين بن الحسن، حدثنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، أن عمر استسقى، فأتى بإناء من عسل فوضعه على كفه، قال: فجعل يقول: أشربها فتذهب حلاوتها وتبقى نقمتها، قالها ثلاثا، ثم دفعه إلى رجل من القوم فشربه
[ص: 148]
(1208) أنبأنا أبو محمد القاسم بن علي، أنبأنا أبي، أنبأنا إسماعيل بن أحمد أبو القاسم، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا داود بن عمرو، أنبأنا ابن أبي غنية، هو يحيى بن عبد الملك، حدثنا سلامة بن صبيح التميمي، قال: قال الأحنف: كنت مع عمر بن الخطاب، فلقيه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان، فإنه قد ظلمني، قال: فرفع الدرة فخفق بها رأسه، فقال: تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم، حتى إذا شغل في أمر من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني! قال: فانصرف الرجل وهو يتذمر قال: علي الرجل، فألقى إليه المخفقة، وقال: امتثل، فقال: لا والله، ولكن أدعها لله ولك، قال: ليس هكذا، إما أن تدعها لله إرادة ما عنده أو تدعها لي، فأعلم ذلك، قال: أدعها لله، قال: فانصرف، ثم جاء يمشي حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين وجلس، فقال: يابن الخطاب، كنت وضيعا فرفعك الله، وكنت ضالا فهداك الله، وكنت ذليلا فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس، فجاءك رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غدا إذا أتيته؟ قال: فجعل يعاتب نفسه في ذلك معاتبة حتى ظننا أنه خير أهل الأرض
(1209) قال: وحدثنا أبي، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن المهتدي، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبي مليكة، قال: بينما عمر قد وضع بين يديه طعاما إذ جاء الغلام، فقال: هذا عتبة بن فرقد بالباب، قال: وما أقدم عتبة؟ ائذن له، فلما دخل رأى بين يدي عمر طعامه: خبز وزيت، قال: اقترب يا عتبة فأصب من هذا، قال: فذهب يأكل، فإذا هو طعام جشب لا يستطيع أن يسيغه، قال: يا أمير المؤمنين، هل لك في طعام يقال له: الحواري؟ قال: ويلك؟ ويسع ذلك المسلمين كلهم؟ قال: لا والله، قال: ويلك يا عتبة، أفأردت أن آكل طيبا في حياتي الدنيا وأستمتع؟
(1210) وقال محمد بن سعد: أنبأنا الوليد بن الأغر المكي، حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم، قال: دخل عمر بن الخطاب على حفصة ابنته، فقدمت إليه مرقا [ص: 149] باردا وخبزا وصبت في المرق زيتا، فقال: أدمان في إناء واحد! لا أذوقه حتى ألقى الله عز وجل
(1211) أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه وأبو بكر بن إسماعيل، قالا: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: لقد رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه
(1212) وأنبأنا غير واحد، إجازة، أنبأنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو محمد، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي، حدثني أبي، حدثنا شعبة، عن سعيد الحريري، عن أبي عثمان، قال: رأيت عمر بن الخطاب يرمي الجمرة، وعليه إزار مرقوع بقطعة جراب
فضائله رضي الله عنه
(1213) أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن سرايا بن علي الفقيه وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز وأبو عبد الله الحسين بن أبي صالح بن فناخسرو التكريتي، وغيرهم، بإسنادهم إلى محمد بن إسماعيل الجعفي، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب رضي الله عنه، أن أبا هريرة، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: " بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالت: لعمر، فذكرت غيرته، فوليت مدبرا "، فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟ !
(1214) قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبيد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل، أنه سمع أبا سعيد الخدري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره "، قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: " الدين "
(1215) أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن [ص: 150] مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى الكوكب الدري في الأفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما "
(1216) أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس القيسي، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن النضر أبي عمر الخزاز، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتفض حراء، قال: " اسكن حراء، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد "، وكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد، وسعيد بن زيد
(1217) قال: وأنبأنا أبو الحسن خيثمة، حدثنا محمد بن عوف الطائي وأبو يحيى بن أبي سبرة، قالا: حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك، حدثنا المعلى بن هلال، حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر، وعمر "
(1218) قال: وأنبأنا خيثمة، أنبأنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، حدثنا عبيد بن موسى، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي، عن علي بن أبي طالب، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر، وعمر، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " يا علي، هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين "، ثم قال لي: " يا علي، لا تخبرهما "
[ص: 151]
(1219) أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد، وغيره بإسنادهم، عن أبي عيسى الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر هو العقدي، حدثنا خارجة بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ".
قال: وقال ابن عمر: ما نزل بالناس أمر قط، فقالوا فيه: وقال فيه عمر، أو: قال ابن الخطاب، شك خارجة، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر.
وذلك نحو ما قال في أسارى بدر، فإنه أشار بقتلهم، وأشار غيره بمفاداتهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} ، وقوله في الحجاب، فأنزله الله تعالى، وقوله في الخمر.
(1220) قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الله بن داود الواسطي أبو محمد، حدثني عبد الرحمن ابن أخي محمد بن المنكدر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما إليك إن قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر "
(1221) قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب "
(1222) قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " دخلت الجنة، فإذا أنا بقصر من ذهب، فقلت: لمن [ص: 152] هذا؟ فقالوا: لشاب من قريش، فظننت أني أنا هو، فقلت: ومن هو؟ قالوا: عمر بن الخطاب "
(1223) قال: وأنبأنا أبو عيسى، حدثنا الحسين بن حريث، أنبأنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثنا عبد الله بن بريدة، قال: سمعت بريدة، يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، قال: " إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا ".
فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدف تحت استها، وقعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخلت أنت يا عمر، فألقت بالدف "
(1224) قال: وحدثنا أبو عيسى: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد كان يكون في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب "
(1225) أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم، أنبأنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا محمد بن سفيان بن إبراهيم، حدثنا مسلم بن سعيد، أنبأنا مجاشع بن عمرو، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن، أن عمر بن الخطاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردوه، وخطب إليهم المغيرة بن شعبة، فزوجوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد ردوا رجلا ما في الأرض رجل خيرا منه "
[ص: 153]
(1226) قال: وأنبأنا أبو بكر، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن الحسن الأسدي، حدثنا عيسى بن هارون بن الفرج، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا إسحاق بن بشر، حدثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال: أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإن ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى
(1227) قال: وأنبأنا أبو بكر، حدثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا جعفر الصائغ، حدثنا حسين بن محمد المرودي، حدثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، عن أبيه: أنه كان يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له في خطبته أن قال: يا سارية بن حصن، الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم، فتلفت الناس بعضهم إلى بعض، فقال علي: صدق، والله ليخرجن مما قال، فلما فرغ من صلاته، قال له علي: ما شيء سنح لك في خطبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: يا سارية، الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم، قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم، وجميع أهل المسجد قد سمعوه، قال: إنه وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا، فركبوا أكتافهم، وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا، وإن جاوزوا هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته، قال: فجاء البشير بالفتح بعد شهر، فذكر أنه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة، حين جاوزوا الجبل صوتا يشبه صوت عمر، يقول: سارية بن حصن، الجبل الجبل، قال: فعدلنا إليه، ففتح الله علينا
(1228) قال: وحدثنا أبو بكر، حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى بن المنذر، حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، حدثنا المختار بن نافع، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مرا، تركه الحق وما له من صديق "
(1229) قال: وحدثنا أبو بكر، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا إسحاق بن سعيد الدمشقي، حدثنا سعيد بن بشير، عن حرب بن الخطاب، عن روح، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " ركب رجل بقرة، [ص: 154] فقالت البقرة: إنا والله ما لهذا خلقنا! ما خلقنا إلا للحراثة "، فقال القوم: سبحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا أشهد، وأبو بكر وعمر يشهدان "، وليسا ثم
(1230) قال: وحدثنا أبو بكر: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الغني بن سعيد، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يباهي بالناس يوم عرفة عامة، ويباهي بعمر بن الخطاب خاصة "
(1231) أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب، أنبأنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج، أنبأنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أنبأنا عثمان بن أحمد بن السماك، حدثنا أحمد بن الخليل البرجلاني، حدثنا أبو النضر، حدثنا المسعودي، عن أبي نهشل، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله بن مسعود فضل الناس عمر بن الخطاب بأربع: بذكر الأسرى يوم بدر، أمر بقتلهم، فأنزل الله تعالى: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} ، وبذكر الحجاب، أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن، فقالت زينب: إنك علينا يابن الخطاب، والوحي ينزل في بيوتنا، فأنزل الله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} ويدعوه النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم أيد الإسلام بعمر "، وبرأيه في أبي بكر.
(1232) أنبأنا أبو محمد، أنبأني أبي، أنبأنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين، أنبأنا أبو محمد بن النحاس، أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا الغلابي، وهو محمد بن زكريا، حدثنا بشر بن حجر السامي، حدثنا حفص بن عمر الدارمي، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سويد بن غفلة، قال: مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر، وعمر، وينتقصونهما، فأتيت علي بن أبي طالب، فقلت: يا أمير المؤمنين إني مررت بقوم من الشيعة يشتمون أبا بكر، وعمر وينتقصونهما، ولولا أنهم يعلمون أنك تضمر لهما على ذلك لما اجترءوا عليه! فقال علي: معاذ الله أن أضمر لهما إلا على الجميل! ألا لعنة الله على من يضمر لهما إلا الحسن! ثم نهض دامع العين يبكي، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وإنه لعلى المنبر جالس، وإن دموعه لتتحادر على لحيته، وهي بيضاء، ثم قام فخطب خطبة بليغة موجزة، ثم قال: ما بال أقوام يذكرون [ص: 155] سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ومما يقولون بريء، وعلى ما يقولون معاقب، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا كل مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا كل فاجر غوي، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه....
الحديث.
(1233) قال: وأنبأنا أبي، أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور الفقيه، حدثنا أبو بكر الخطيب، حدثنا محمد بن أحمد بن رزق، حدثنا أحمد بن علي بن عبد الجبار بن خيرويه أبو سهل الكلوذاني، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا روح بن عبادة، عن عوف، عن قسامة بن زهير، قال: وقف أعرابي على عمر بن الخطاب، فقال: يا عمر الخير جزيت الجنه جهز بنياتي واكسهنه أقسم بالله لتفعلنه قال: فإن لم أفعل يكون ماذا يا أعرابي؟ قال: أقسم بالله لأمضينه، قال: فإن مضيت يكون ماذا يا أعرابي؟ قال:
والله عن حالي لتسألنه ثم تكون المسألات عنه
والواقف المسئول بينهنه إما إلى نار وإما جنه
قال: فبكى عمر حتى اخضلت لحيته بدموعه، ثم قال: يا غلام، أعطه قميصي هذا، لذلك اليوم لا لشعره، والله ما أملك قميصا غيره
وروى زيد بن أسلم، عن أبيه، " أن عمر بن الخطاب طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن الخطاب من الباب، فقال: يا أمة الله، أيش بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالت: بكاؤهم من الجوع، قال: فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت: قد جعلت فيها ماء أعللهم بها حتى يناموا، أوهمهم أن فيها شيئا من دقيق وسمن، فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة فأخذ غرارة، وجعل فيها شيئا من دقيق وسمن وشحم وتمر وثياب ودراهم، حتى ملأ الغرارة، ثم قال: يا أسلم، احمل علي، فقلت: يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك! فقال لي: لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسئول عنهم في الآخرة، قال: فحمله على عنقه، حتى أتي به منزل المرأة، قال: وأخذ القدر، فجعل فيها شيئا من دقيق وشيئا من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده وينفخ تحت القدر، قال أسلم: وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض بحذائهم كأنه سبع، وخفت منه أن أكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال: يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت: لا، يا أمير المؤمنين! قال: رأيتهم يبكون، فكرهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون، فلما ضحكوا طابت نفسي "