منتديات العليمى للثقافة
منتديات العليمى للثقافة
منتديات العليمى للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


تهدف المنتديات إلى احياء الثقافة العامة لانشاء جيل واعى مدرك لاهمية العلم والمعرفة
 
الرئيسيةمرحبا بكم أعضاءالأحداثأحدث الصورAlolemy2018التسجيلدخول

 

 قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (7)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 1696
تاريخ التسجيل : 26/04/2017
العمر : 37
الموقع : محافظة الشرقىة جمهورية مصر العربية

قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (7) Empty
مُساهمةموضوع: قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (7)   قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (7) Icon_minitimeالجمعة يونيو 02, 2017 12:48 am

قصة أبي محمد الخزامي:
وأما أبو محمد الخزامي، عبد الله بن كاسب، كاتب مويس، وكاتب داود بن أبي داود، فإنه كان أبخل من برأ الله، وأطيب من برأ الله.
وكان له في البخل كلام، وهو أحد من ينصره ويفضله، ويحتج له، ويدعو اليه.
وأنه رآني مرة في تشرين الأول، وقد بكر البرد شيئا، فلبست كساء لي قومسيا «5» خفيفا، قد نيل منه. فقال لي: ما أقبح السرف بالعاقل، وأسمج «1» الجهل بالحكيم. ما ظننت أن إهمال النفس، وسوء السياسة، بلغ بك ما أرى. قلت: وأي شيء أنكرت منا مذ اليوم، وما كان هذا قولك فينا بالأمس؟ فقال: لبسك هذا الكساء قبل أوانه. قلت: قد حدث من البرد بمقداره. ولو كان هذا البرد الحادث في تموز وآب، لكان إبانا «2» لهذا الكساء. قال: إن كان ذلك كذلك، فاجعل، بدل هذه المبطنة، جبة محشوة، فإنها تقوم هذا المقام، وتكون قد خرجت من الخطأ. فأما لبس الصوف اليوم، فهو غير جائز. قلت: ولم؟ قال: لأن غبار آخر الصيف يتداخله ويسكن في خلله، فإذا أمطر الناس، وندي الهواء وابتل كل شيء، ابتل ذلك الغبار. وإنما الغبار تراب، إلا أنه لباب التراب. وهو مالح، وينقبض عند ذلك عليه الكساء ويتكرش، لأنه صوف، فتنضم أجزاؤه عليه. فيأكله أكل القادح «3» ، ويعمل فيه عمل السوس، ولهو أسرع فيه من الأرضة «4» في الجذوع النجرانية.
ولكن أخر لبسه، حتى إذا مطر الناس، وسكن الغبار، وتلبد التراب، وحط المطر ما كان في الهواء من الغبار، وغسله، وصفاه، فألبسه حينئذ، على بركة الله.
وكان يقع إلى عياله بالكوفة، كل سنة مرة، فيشتري لهم من الحب مقدار طبيخهم، وقوت سنتهم. فإذا نظر الى حب هذا، وإلى حب هذا، وقام على سعره، اكتال من كل واحد منها كيلة معلومة، بالميزان، واشترى أثقلها وزنا. وكان لا يختار على البلدي والموصلي شيئا، إلا أن يتقارب السعر. وكان على كل حال يفر من الميساني، إلا أن يضطر اليه.
ويقول: هو ناعم ضعيف، ونار المعدة شيطان، فإنما ينبغي لنا أن نطعم الحجر، وما أشبه الحجر. وقلت له مرة: أعلمت أن خبز البلدي ينبت عليه شيء شبيه بالطين، والتراب، والغبار المتراكم؟ قال: حبذا ذلك من خبز، وليته قد أشبه الأرض بأكثر من هذا المقدار؟
وكان إذا كان جديد القميص ومغسوله، ثم أتوه بكل بخور في الأرض، لم يتبخر، مخافة أن يسود دخان العود بياض قميصه. فإن اتسخ فأتي بالبخور، لم يرض بالتبخر، واستقصاء ما في العود من القتار «1» ، حتى يدعو بدهن، فيمسح به صدره وبطنه، وداخلة إزارة، ثم يتبخر، ليكون أعلق للبخور.
وكان يقول: حبذا الشتاء، فإنه يحفظ عليك رائحة البخور، ولا يحمض فيه النبيذ، إن ترك مفتوحا، ولا يفسد فيه مرق إن بقي أياما.
وكان لا يتبخر إلا في منازل أصحابه. فإذا كان في الصيف، دعا بثيابه، فلبسها على قميصه، لكيلا يضيع من البخور، شيء.
وقال مرة: إن للشيب سهكة «2» . وبياض الشعر الأسود هو موته، وسواده حياته. ألا ترى أن موضع دبرة الحمار الأسود لا ينبت إلا أبيض. والناس لا يرضون منا، في هذا العسكر، إلا بالعناق واللثام.
والطيب غال، وعادته رديئة. وينبغي لمن كان أيضا عنده، أن يحرسه ويحفظه من عياله. وأن العطار ليختمه على أخص غلمانه به. فلست أرى شيئا هو خير من اتخاذ مشط صندل «3» ، فإن ريحه طيبة، والشعر سريع القبول، وأقل ما يصنع أن ينفي سهك الشيب. قصرنا في حال لا لنا ولا علينا. فكان عطر الحزامي إلى أن فارق الدنيا مشط صندل، إلا أن يطيبه صديق.
واستسلف منه علي الأسواري مائة درهم، فجاءني وهو حزين منكسر. فقلت له: إنما يحزن من لا يجد بدا من إسلاف الصديق، مخافة ألا يرجع إليه ماله، ولا يعد ذلك هبة منة. أو رجل يخاف الشكية، فهو إن لم يسلف كرما، أسلف خوفا. وهذا باب، الشهرة فيه هي قرة عينك. وأنا واثق باعتزامك وتصميمك، وبقلة المبالاة بتبخيل الناس لك، فما وجه انكسارك واغتمامك؟
قال: اللهم غفرا! ليس ذاك بي إنما بي أني قد كنت أظن أن أطماع الناس قد صارت بمعزل عني، وآيسة مني، وأني قد أحكمت هذا الباب وأتقنته، وأودعت قلوبهم اليأس، وقطعت أسباب الخواطر. فأراني واحدا منهم إن من أسباب إفلاس المرء طمع الناس فيه؛ لأنهم إذا طمعوا فيه، احتالوا له الحيل، ونصبوا له الشرك»
، وإذا يئسوا منه فقد أمن. وهذا المذهب من علي استضعاف شديد. وما أشك أني عنده غمر «2» ، وأني كبعض من يأكل ماله. وهو مع هذا خليط وعشير. وإذا كان مثله لم يعرفني، ولم يتقرر عنده مذهبي، فما ظنك بالجيران، بل ما ظنك بالمعارف؟ أراني أنفتح في غير فحم، وأقدح بزند مصلد «3» . ما أخوفني أن أكون قد قصد إلي بقول. ما أخوفني أن يكون الله في سمائه قد قصد إلى أن يفقرني.
قال: ويقولون: ثوبك على صاحبك أحسن منه عليك. فما يقولون إن كان أقصر مني، أليس يتخبل في قميصي؟ وإن كان طويلا جدا، وأنا قصير جدا، فلبسه، أليس يصير آية للسائلين؟ فمن أسوأ أثرا على صديقه ممن جعله ضحكة للناس؟ ما ينبغي لي أن أكسوه حتى أعلم أنه فيه مثلي. ومتى يتفق هذا؟ وأنى ذاك محيا وممات؟



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www-alolemy-com.yoo7.com
 
قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (7)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (10)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (3)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (19)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (11)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (20)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العليمى للثقافة :: أهلا بكم :: إسلاميات متنوعة-
انتقل الى: