قصة أصحاب الفيل
أمر الفيل ، و قصة النسأة
لقليس أو كنيسة أبرهة
بناء القليس أو كنيسة أبرهة
بناء القليس أو كنيسة أبرهة
ثم إن أبرهة بنى القُلَّيْس بصنعاء ، فبنى كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ، ثم كتب إلى النجاشي : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي ، غضب رجل من النسأة ، أحد بني فُقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر .
لنسأة
معنى النسأة
معنى النسأة
والنسأة : الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية ، فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ، ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ، ليواطئوا عدة ما حرم الله ، ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى : « إنما النسيء زيادة في الكفر يُضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ، ويحرمونه عاما ، ليواطئوا عدة ما حرم الله » .
المواطأة لغة
قال ابن هشام : ليواطئوا : ليوافقوا : والمواطأة : الموافقة ، تقول العرب : واطأتك على هذا الأمر ، أي وافقتك عليه . والإيطاء في الشعر الموافقة ، وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد ، وجنس واحد ، نحو قول العجَّاج - واسم العجاج عبدالله بن رؤبة أحد بني سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار - :
في أُثعبان المَنْجَنونَ المرسلِ *
ثم قال :
مد الخليج في الخليج المرسل
وهذان البيتان في أرجوزة له .
ابتدع النسيء
أول من ابتدع النسيء
أول من ابتدع النسيء
قال ابن إسحاق : وكان أول من نسأ الشهور علىالعرب ، فأحلت منها ما أحل ، وحرمت منها ما حرم القَلَمَّس ، وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة .
ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد بن حذيفة ، ثم قام بعد عباد : قلع بن عباد ، ثم قام بعد قلع : أمية بن قلع ، ثم قام بعد أمية : عوف بن أمية ، ثم قام بعد عوف أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام الإسلام ، وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه ، فحرم الأشهر الحرم الأربعة : رجبا ، وذا القعدة ، وذا الحجة ، والمحرم .
فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم فأحلوه ، وحرم مكانه صفر فحرموه ، ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحرم . فإذا أرادوا الصدر قام فيهم فقال : اللهم إني قد أحللت لك أحد الصفرين ، الصفر الأول ، ونسأت الآخر للعام المقبل ، فقال في ذلك عمير بن قيس جذل الطعان أحد بني فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة ، يفخر بالنسأة على العرب :
لقد علمت معد أن قومي * كرام الناس أن لهم كراما
فأي الناس فاتونا بوتر * وأي الناس لم نعلك لجاما
ألسنا الناسئين على معد * شهور الحل نجعلها حراما ؟
قال ابن هشام : أول الأشهر الحرم المحرم .
الكناني يحدث في القليس ، و حملة أبرهة على الكعبة
قال ابن إسحاق : فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها - قال ابن هشام :يعني أحدث فيها - قال ابن إسحاق : ثم خرج فلحق بأرضه ، فأخبر بذلك أبرهة فقال : من صنع هذا ؟ فقيل له : صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك : « أصرف إليها حج العرب » غضب فجاء فقعد فيها ، أي أنها ليست لذلك بأهل .
خروج أبرهة لهدم الكعبة
خروج أبرهة لهدم الكعبة
فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، ثم سار وخرج معه بالفيل ؛ وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ، ورأوا جهاده حقا عليهم ، حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة ، بيت الله الحرام .
اليمن يدافعون عن البيت
أشراف اليمن يدافعون عن البيت
أشراف اليمن يدافعون عن البيت
فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له : ذو نفر ، فدعا قومه ، ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة ، وجهاده عن بيت الله الحرام ، وما يريد من هدمه وإخرابه ؛ فأجابه إلى ذلك من أجابه ، ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفر وأصحابه ، وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ، فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك ، لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ؛ فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق ، وكان أبرهة رجلا حليما .
جاهد أبرهة
خثعم تجاهد أبرهة
أشراف اليمن يدافعون عن البيت
فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له : ذو نفر ، فدعا قومه ، ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة ، وجهاده عن بيت الله الحرام ، وما يريد من هدمه وإخرابه ؛ فأجابه إلى ذلك من أجابه ، ثم عرض له فقاتله ، فهزم ذو نفر وأصحابه ، وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ، فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك ، لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ؛ فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق ، وكان أبرهة رجلا حليما .
تب و أبرهة
ابن معتب و أبرهة
ابن معتب و أبرهة
وخرج به معه يدله ، حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب ابن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف .
يف و شعر ابن الصلت في ذلك
نسب ثقيف و شعر ابن الصلت في ذلك
نسب ثقيف و شعر ابن الصلت في ذلك
واسم ثقيف : قسي بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان .
قال أمية بن أبي الصلت الثقفي :
قومي إياد لو أنهم أمم * أو لو أقاموا فتهزل النعم
قوم لهم ساحة العراق إذا * ساروا جميعا والقط والقلم
وقال أمية بن أبي الصلت أيضا :
فإما تسألي عني لُبينى * وعن نسبي أخبرك اليقينا
فإنا للنبيت أبي قسي * لمنصور بن يقدم الأقدمينا
قال ابن هشام : ثقيف : قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . والبيتان الأولان والآخران في قصيدتين لأمية .
هادن أبرهة
ثقيف تهادن أبرهة
ثقيف تهادن أبرهة
قال ابن إسحاق : فقالوا له : أيها الملك ، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ، ليس عندنا لك خلاف ، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة ، ونحن نبعث معك من يدلك عليه ، فتجاوز عنهم .
اللات
اللات
واللات : بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة .
قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة النحوي لضرار بن الخطاب الفهري :
وفرت ثقيف إلى لاتها * بمنقلب الخائب الخاسر
وهذا البيت في أبيات له .
ال ورجم قبره
أبو رغال ورجم قبره
أبو رغال ورجم قبره
قال ابن إسحاق : فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة ، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس ؛ فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك ، فرجمت قبره العرب ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس .
بن مقصود يهاجم مكة
الأسود بن مقصود يهاجم مكة
الأسود بن مقصود يهاجم مكة
فلما نزل أبرهة المغمس ، بعث رجلا من الحبشة يقال له : الأسود بن مقصود على خيل له ، حتى انتهى إلى مكة ، فساق إليه أموال تهامة من قريش وغيرهم ، وأصاب فيها مائتي بعير لعبدالمطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ، فهمت قريش وكنانة وهذيل ، ومن كان بذلك الحرم من سائر الناس بقتاله ، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به ، فتركوا ذلك .
رسول أبرهة إلى مكة
رسول أبرهة إلى مكة
وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له : سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ، ثم قال له : إن الملك يقول لك : إني لم آت لحربكم ، إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا دونه بحرب ، فلا حاجة لي بدمائكم ، فإن هو لم يرد حربي فأتني به .
فلما دخل حناطة مكة ، سأل عن سيد قريش وشريفها ، فقيل له : عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ؛ فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة ؛ فقال له عبدالمطلب : والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك من طاقة ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإنْ يمنعه منه فهو بيته وحرمه ، وإن يخل بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دفع عنه ؛ فقال له حناطة : فانطلق معي إليه ، فإنه قد أمرني أن آتيه بك .
شفع لعبدالمطلب
أنيس يشفع لعبدالمطلب
أنيس يشفع لعبدالمطلب
فانطلق معه عبدالمطلب ، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر ، فسأل عن ذي نفر ، وكان له صديقا ، حتى دخل عليه وهو في محبسه ، فقال له : يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر : وما غناء رجل أسير بِيدَيْ ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أنّ أُنيسا سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك ، فتكلمه بما بدا لك و يشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك ؛ فقال : حسبي .
فبعث ذو نفر إلى أنيس ، فقال له : إن عبدالمطلب سيد قريش ، وصاحب عير مكة ، يطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، وقد أصاب له الملك مائتي بعير ، فاستأذن له عليه ، وانفعه عنده بما استطعت ؛ فقال : أفعل .
فكلم أنيس أبرهة ، فقال له : أيها الملك ، هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك ، وهو صاحب عير مكة ، وهو يطعم الناس في السهل ، والوحوش في رءوس الجبال ، فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته ، و أحسن إليه ، قال : فأذن له أبرهة .
لي والبيت له رب يحميه
الإبل لي والبيت له رب يحميه
الإبل لي والبيت له رب يحميه
قال : وكان عبدالمطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم ، فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته ، وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه ، فنزل أبرهة عن سريره ، فجلس على بساطه ، وأجلسه معه عليه إلى جنبه ، ثم قال لترجمانه : قل له : حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان ؛فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي ؛ فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ، لا تكلمني فيه ! قال له عبدالمطلب : إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه ؛ قال : ما كان ليمتنع مني ؛ قال : أنت وذاك .
المرافق لعبدالمطلب
الوفد المرافق لعبدالمطلب
الوفد المرافق لعبدالمطلب
وكان فيما يزعم بعض أهل العلم ، قد ذهب مع عبدالمطلب إلى أبرهة ، حين بعث إليه حناطة ، يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة ، وهو يومئذ سيد بني بكر ، وخويلد بن واثلة الهذلي ، وهو يومئذ سيد هذيل ؛ فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم . والله أعلم أكان ذلك أم لا . فرد أبرهة على عبدالمطلب الإبل التي أصاب له .
ستنصر الله على أبرهة
قريش تستنصر الله على أبرهة
قريش تستنصر الله على أبرهة
فلما انصرفوا عنه ، انصرف عبدالمطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة ، والتحرز في شعف الجبال والشعاب : تخوفا عليهم من معرة الجيش ، ثم قام عبدالمطلب ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ، ويستنصرونه على أبرهة وجنده ، فقال عبدالمطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
لاهُمَّ إن العبد يمنع * رحله فامنع حلالكْ
لا يغلبنّ صليبهم * ومحالهم غدوا محالك
زاد الواقدي :
إن كنت تاركهم وقبلـ*ـتنا فأمر ما بدا لكْ
قال ابن هشام : هذا ما صح له منها .
شعر عكرمة بن عامر يدعو على الأسود بن مقصود
قال ابن إسحاق : وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي :
لاهُمَّ أخز الأسود بن مقصود * الآخذ الهجمة فيها التقليدْ
بين حراء وثبير فالبيد * يحبسها وهي أولات التطريد
فضمها إلى طماطم سود * أخفره يا رب وأنت محمود
قال ابن هشام :هذا ما صح له منها ؛ والطماطم : الأعلاج .
قال ابن إسحاق : ثم أرسل عبدالمطلب حلقة باب الكعبة ، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها .
برهة على الكعبة
هجوم أبرهة على الكعبة
أبرهة يهاجم الكعبة
فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله وعبىَّ جيشه ، وكان اسم الفيل محمودا ؛ وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن . فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام إلى جنب الفيل ، ثم أخذه بأذنه ، فقال : ابرك محمود ، أو ارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ، ثم أرسل أذنه .
فبرك الفيل ، وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل ، وضربوا الفيل ليقوم فأبى . فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى ، فأدخلوا محاجن لهم في مراقِّه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبرك .
لله لأبرهة وجنده
عقاب الله لأبرهة وجنده
عقاب الله لأبرهة وجنده
فأرسل الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس ،لا تصيب منهم أحدا إلا هلك ، وليس كلهم أصابت .وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ، ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن ، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته :
أين المفر والإله الطالب * والأشرم المغلوب ليس الغالب
قال ابن هشام : قوله : « ليس الغالب » عن غير ابن إسحاق .
قال ابن إسحاق : وقال نفيل أيضا :
ألا حييت عنا يا ردينا * نعمناكم مع الإصباح عينا
أتانا قابس منكم عشاء فلم يقدر لقابسكم لدينا
ردينة لو رأيت - ولا تريه * لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري * ولم تأسي على ما فات بينا
حمدت الله إذ أبصرت طيرا * وخفت حجارة تُلقى علينا
و كل القوم يسأل عن نفيل * كأن علي للحبشان دينا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون بكل مهلك على كل منهل ، وأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم تسقط أنامله أُنمْلة أنملة ، كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمثُّ قيحا ودما ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ، فيما يزعمون .
قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة أنه حُدث : أن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام ، وأنه أول ما رؤي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعُشر ذلك العام .
القرآن الكريم يخلد ذكر حادثة الفيل
الله جل جلاله يذكر حادثة الفيل ويمتن على قريش
قال ابن إسحاق : فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم ، كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ، ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم ، فقال الله تبارك وتعالى : « ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم في تضليل . و أرسل عليهم طيرا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل . فجعلهم كعصف مأكول » . وقال : « لإيلاف قريش . إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . فليعبدوا رب هذا البيت . الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف » . أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .
مفردات سورتي الفيل وقريش
تفسير مفردات سورتي الفيل وقريش
تفسير مفردات سورتي الفيل وقريش
قال ابن هشام : الأبابيل : الجماعات ، ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه . وأما السجيل : فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب .
قال رؤبة بن العجاج :
ومسهم ما مس أصحاب الفيلْ * ترميهم حجارة من سجيلْ
و لعبت طير بهم أبابيلْ *
وهذه الأبيات في أرجوزة له .
ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية ، جعلتهما العرب كلمة واحدة ، وإنما هو سَنْج و جِلّ ، يعني بالسنج : الحجر ؛ وبالجل : الطين . يعني : الحجارة من هذين الجنسين : الحجر والطين . والعصف : ورق الزرع الذي لم يقصب ، وواحدته عصفة . قال : وأخبرني أبو عبيدة النحوي أنه يقال له : العصافة والعصيفة .
وأنشدني لعلقمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم :
تسقي مذانب قد مالت عصيفتها * حدورها من أتيّ الماء مطموم
وهذا البيت في قصيدة له . وقال الراجز :
فصُيرِّوا مثل كعصف مأكول
قال ابن هشام : ولهذا البيت تفسير في النحو .
وإيلاف قريش : إلفهم الخروج إلى الشام في تجارتهم ، وكانت لهم خرجتان : خرجة في الشتاء ، وخرجة في الصيف . أخبرني أبو زيد الأنصاري ، أن العرب تقول : ألفت الشيء إلفا ، وآلفته إيلافا ، في معنى واحد . وأنشدني لذي الرمة :
من المؤلفات الرمل أدماء حرة * شعاع الضحى في لونها يتوضح
وهذ البيت في قصيدة له . وقال مطرود بن كعب الخزاعي :
المنعمين إذا النجوم تغيرت * والظاعنين لرحلة الإيلاف
وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى . والإيلاف أيضا : أن يكون للإنسان ألف من الإبل ، أو البقر ، أو الغنم ، أو غير ذلك . يقال : آلف فلان إيلافا . قال الكميت بن زيد ، أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد :
بعام يقول له المؤلفو ن هذا المعيم لنا المرجل
وهذا البيت في قصيدة له . والإيلاف أيضا : أن يصير القوم ألفا ، يقال : آلف القوم إيلافا . قال الكميت بن زيد ،أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد :
وآل مزيقياء غداة لاقوا * بني سعد بن ضبة مؤلفينا
وهذا البيت في قصيدة له . والإيلاف أيضا : أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه و يلزمه ؛ يقال : آلفته إياه إيلافا . والإيلاف أيضا : أن تصيرِّ ما دون الألف ألفا ، يقال : آلفته إيلافا .
ائد الفيل وسائسه
مصير قائد الفيل وسائسه
مصير قائد الفيل وسائسه
قال ابن إسحاق : حدثني عبدالله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبدالرحمن ، بن سعد بن زرارة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس .
في قصة الفيل من الشعر
ما قيل في قصة الفيل من الشعر
ما قيل في قصة الفيل من الشعر
العرب قريشا بعد حادثة الفيل
إعظام العرب قريشا بعد حادثة الفيل
إعظام العرب قريشا بعد حادثة الفيل
قال ابن إسحاق : فلما رد الله الحبشة عن مكة ، وأصابهم بما أصابهم به من النقمة ، أعظمت العرب قريشا ، وقالوا : هم أهل الله ، قاتل الله عنهم وكفاهم مئونة عدوهم . فقالوا في ذلك أشعارا يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة ، وما رد عن قريش من كيدهم .
دالله بن الزبعرى في وقعة الفيل
شعر عبدالله بن الزبعرى في وقعة الفيل
شعر عبدالله بن الزبعرى في وقعة الفيل
فقال عبدالله بن الزبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر :
تنكلوا عن بطن مكة إنها * كانت قديما لا يرام حريمها
لم تخلق الشعرى ليالي حرمت * إذ لا عزيز من الأنام يرومها
سائل أمير الجيش عنها ما رأى * ولسوف يُنبي الجاهلين عليمها
ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم * ولم يعش بعد الإياب سقيمها
كانت بها عاد وجرهم قبلهم * والله من فوق العباد يقيمها
قال ابن إسحاق : يعني ابن الزبعرى بقوله :
. . . بعد الإياب سقيهما أبرهةَ ، إذ حملوه معهم حين أصابه ما أصابه ، حتى مات بصنعاء .
ن الأسلت في وقعة الفيل
شعر ابن الأسلت في وقعة الفيل
شعر ابن الأسلت في وقعة الفيل
وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري ثم الخطمي ، واسمه صيفي .
قال ابن هشام : أبو قيس : صيفي بن الأسلت بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس بن عامرة بن مرة بن مالك بن الأوس :
ومن صنعه يوم فيل الحبُو ش * إذ كلما بعثوه رزمْ
محاجنهم تحت أقرابه * وقد شرموا أنفه فانخرم
وقد جعلوا سوطه مغولا * إذا يمموه قفاه كلم
فولى وأدبر أدراجه * وقد باء بالظلم من كان ثم
فأرسل من فوقهم حاصبا * فلفهم مثل لف القزم
تحض على الصبر أحبارهم * وقد ثأجوا كثؤاج الغنم
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له . والقصيدة أيضا تروى لأمية بن أبي الصلت .
قال ابن إسحاق : وقال أبو قيس بن الأسلت :
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا * بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء مصدق غداة أبى يكسوم هادى الكتائب
كتيبته بالسهل تمسي ورجله * على القاذفات في رءوس المناقب
فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم * جنود المليك بين ساف وحاصب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب * إلى أهله ملحبش غير عصائب
قال ابن هشام :أنشدني أبو زيد الأنصاري قوله :
على القاذفات في رءوس المناقب
وهذه الأبيات في قصيدة لأبي قيس ، سأذكرها في موضعها إن شاء الله . وقوله : غداة أبي يكسوم : يعني أبرهة ، كان يكنى أبا يكسوم .