مَنْ مُجِيرِي مِنْ حالِكات اللّيالِي
نُوَبَ الدَّهْرِ مالكُن ومالِي
قد طوَاني الظلامُ حتّى كأنِّي
في دَيَاجى الوجودِ طَيفُ خَيَال
كلُّ ليلٍ لهُ زَوالٌ ولَيْلى
دقَّ أطنابَهُ لِغَيرِ زَوَال
كلُّ ليلٍ لهُ نجومٌ ولكنْ
أينَ أمثالهُنَّ من أمثالي
تّثِبُ الشّمسُ في السماءِ وشَمْسي
عُقِلَتْ دُونَها بألْفِ عِقَال
لا أرَى حِينما أرَى غَيرُ حَظِّي
حَالِكَ اللَّونِ عَابِسَ الآمال
هو جُبُّ أعِيشُ فيه حزيناً
كاسِفَ النَّفسِ دائمَ الْبَلْبَالِ
ما رأتْ بَسْمة َ الشُّموسِ زَوَايا
هُ ولا دَاعَبتْ شُعَاعَ الْهِلال
فإذا نِمْتُ فالظَّلامُ أمامِي
أَوْ تيقَّظْتُ فالسَّوَادُ حِيالي
أتَقَرَّى الطّريقَ فيهِ بِكَفِّي
بين شَكٍّ وحَيْرَة ٍ وضَلال
وأُحِسُّ الهواءَ فهْوَ دَليلِي
عن يَميني أَسِيرُ أوْ عَنِ شِمالي
كُلّما رُمْتُ منه يَوْمًا خَلاصًا
عَجَزتْ حِيلَتي ورَثَّتْ حِبالي
عَبَثًا أُرْسِلُ الأنِينَ مِن الجُبِّ
إلى سَاكِني القُصُورِ العَوالي
مَنْ لسَارٍ بِلَيْلة ٍ طولُهاالعُمْ
رُيَجُوبُ اْلأَوْجالَ لِلأَوْجالِ
مُتَرَدٍّ في هَاوياَت وِهادٍ
لاهِثٍ فوقَ شامِخاَتِ جِبال
عند صَحْراءَ للأعاصيرِ فِيها
ضَحِكُ الْجِنِّ أو نَحيبُ السَّعالي
لم يَزُرْها وشْيُ الرّبيعِ ولكنْ
لك ما شئْتَ من نسيجِ الرِّمال
لَيْس للطيرِ فوقَها من مَطارٍ
أوْ بَنِي الإنْسِ حَوْلَها من مَجال
خَلَقِ اللّه قَفْرَها ثم سَوَّى
من ثَراهُ أنامِلَ البُخَّال
رَهْبة ٌ تَملأُ الْجَوانِحَ رُعْبًا
وأَدِيمٌ وَعْرٌ كحدِّ النِّصال
وامتدادٌ كأنَّه الأَمَلُ الطَّا
ئشُ مَا ضاقَ ذَرْعُهُ بمُحَالِ
سارَ فيها الأعمَى وَحِيداً شريداً
حائراً بينَ وَقْفَة ٍ وارْتحالِ
في هَجِيرٍ ماخَفَّ حَرُّ لَظَاه
بِنَسيمٍ ولا ببرْدِ ظِلاَلِ
مَلَّ عُكّازُه من الضَّرْبِ في الأر
ضِ على خَيْبة ٍ ورِقَّة ِ حال
يَرْفَعُ الصّوتَ لا يَرَى مِنْ مُجِيبٍ
أَقْفَرَ الكَوْنُ من قُلُوبِ الرّجال
مَنْ لِهَاوٍ في لُجَّة ٍ هِيَ دُنْيا
هُ وأَيَّامُ بُؤسِه المُتَوَالي
ظُلَمُ بَعضُها يُزاحِمُ بعْضًا
كَلَيالٍ كرَرنَ إِثْرَ لَيالي
يَفْتَحُ الَمْوجُ ماضِغَيْهِ فَيَهْوِي
ثمّ يطْفُو مُحطَّمَ الأَوْصال
لا تَرَى منه غيرَ كَفٍّ تُنادِي
حينما عَقَّه لسانُ المَقَالِ
والرِّياحُ الرِّياحُ تَعْصِفُ بِالْمِسِ
كينِ عَصْفَ الأيّامِ بالآجال
يَسْمَعُ السُّفْنَ حَوْلَه ماخِراتٍ
مَنْ يُبَالِي بِمِثْلِه مَنْ يُبَالِي
يسمُع الرَّقْصَ والأهازيج تَشْدُو
بَيْنَ وصْلِ الْهَوَى وهَجْرِالدَّلاَل
شُغِلَ الْقوْمُ عنه بالقَصْفِ والَّلهْ
وِ وهامُوا بِحُبِّ بِنْتِ الدَّوَالي
ما لَهُمْ والصَّريعَ في غَمْرة ِ اللُّ
جِّ يَصُدُّ الأهْوَالَ بالأهْوَال
لا يُريدُون أنْ يُشَابَ لهم صَفْوٌ
بِنَوْحٍ للبُؤْسِ أو إِعْوَال
هكذا تُمْحلُ القُلوبُ وأَنْكَى
أن تُباَهِي بذلكَ الإِمْحال
هكَذا تُقْبَرُ الُمرؤة ُ في النّا
س ويُقْضَى على كرِيمِ الْخِلال
مَنْ لهذا الأعْمى يَمُدُّ عصَاه
عاصِبَ البَطْنِ لم يَبُحْ بسُؤَالِ
مَنْ رآهُ يَرَى خَليطًا من البُؤ
سِ هَزيلاً يَسِيرُ في أسْمَال
هو في مَيْعَة ِ الصِّبا وتَراهُ
مُطْرِقَ الرَّأسِ في خُشُوعِ الكِهَال
ساكناً كالظَّلاَمِ يَحْسَبُهُ الرَّا
ءُونَ معْنًى لليأسِ فِي تِمْثَالِ
فَقَد الضَّوْءَ والحياة َ وهل بَعْ
د ضِيَاءِ العَيْنَيْن سَلْوَى لِسال
مَطَلَتْهُ الأيّامُ والناسُ حَقًا
فَقَضَى عَيْشَه شَهِيدَ المِطَال
مارَأَى الرَّوْضَ في مَآزِرِهِ الْخُضْرِ
يُبَاهِي بحُسْنِها ويُغَالي
ما رَأى صفحة َ السماءِ وَمَا
رُكِّبَ فيها مِنُ باهِرَاتِ الّلآلي
ما رَأى النِّيلَ في الْخَمائلِ يَخْتَا
لُ بأذيالِهِ العِراضِ الطِوالِ
ما رَأى فِضَّة َ الضُّحَى في سَنَاها
أوْ تَمَلَّى بعَسْجَدِ الآصال
فدعوه يَشْهَدْ جَمَالاً من الإِحْسَ
انِإِنْ فاتَه شُهُودُ الْجَمال
ودعوه يُبْصِرْ ذُبَالاً من الرَّحْمَة ِ
إِنْ عَقَّه ضِياءُ الذُّبَال
قد خَبَرتُ الدُّنيا فلم أرَ أَزْكَى
مِنْ يَمينٍ تَفتَّحتْ عَنْ نَوَال
أيُّها الوَادِعُون يَمْشُون زَهْواً
بَيْنَ جَبْرِيّة ٍ وبَيْنَ اخْتِيالَ
يُنْفقُوِن القِنْطارَ في تَرَفِ العَيْ
شِ ولا يُحْسنون بالمِثقال
ويَرْونَ الأَموالَ تُنْثرُ في الّلهْ
وِ فلا يَجْزَعون ِلْلأَمْوَال
إِن في بَلْدَة ِ الُمُعِزِّ جُحُوراً
مُتْرَعاتٍ بأدْمُعِ الأَطْفَالِ
كلُّ جُحْرٍ بالبُؤْسِ والفَقْرِ مملو
ءٌ ولكنّه من الزَّادِ خالي
بَسَقَتْ فيه للجَرَاثيمِ أفْنا
نٌ تدلَّتْ بكلِّ داءٍ عُضاَل
لوْ رأيتَ الأشباحِ مِنْ ساكنيه
لرَأيْتَ الأطْلاَلَ في الأطْلال
يَرْهَبُ النُّورُ أنْ يمرَّ به مَ
رَّا وتَحْشَى أذَاهُ ريحُ الشَّمَال
تَحْسِبُ الطفلَ فِيه في كَفَنِ الموْ
تَى وقَدْ ضمَّه الرِّدَاء البالي
أيّها الأغنياءُ أين نَدَاكُمْ
بَلَغ السّيْلُ عالياتِ القِلال
هُمْ عِيالُ الرَّحمنِ ماذا رأَيتُمْ
أو صَنَعْتُم لهؤلاءِ العِيالِ
رُب أعمَى له بصيرة ُ كَشْفٍ
نفذَتْ من غَيَاهِبِ الأَسْدالِ
أَخَذَ اللّه مِنهُ شيئًا وأَعْطَى
وأعَاضَ المِكْيالَ بالْمِكْيال
يَلْمَحُ الْخَطْرة َ الْخَفِيَّة َ للنفْ
سِ لها في الصُّدورِ دَبُّ النمَال
ويَرَى الحقَّ في جَلاَلة ِ معنا
هُ فيحيا في ضَوْءِ هذا الْجَلاَل
كان شَيْخُ المَعَرَّة ِ الكَوْكَبَ السَّا
طِعَ في ظُلْمة ِ الْقُرُونِ الْخَوَالي
فأتَى وهْوَ آخِرٌ مِثْلَما قا
ل بما نَدَّ عَنْ عُقُولِ اْلأَوَالي
أنقِذُوا العَاجزَ الفَقِيرَ وصُونُوا
وَجْهَه عن مَذَلَّة ٍ وابْتِذَال
علِّموهُ يَطْرُقْ مِنَ العَيْشِ بابًا
وامْنَحُوه مَفَاتِحَ الأَقْفَالِ
لاتَضُمُّوا إلى أَسَاهُ عَمَى الْجَهْ
لِ فَيَلْقَى النكَالَ بَعْد النكَال
كُلُّ شيءٍ يُطاقُ مِنَ نُوَبِ الأَيَّامِ
إِلاَّ عَمَاية َ الْجُهَّال
علِّموه فالِعلْمُ مِصْباحُ دُنْيا
هُ ولا تَكْتَفُوا بصُنْعِ السِّلاَل
إنْ جَفَاهُ الزّمانُ والآلُ والصّحْ
بُ فكونوا لِمِثْله خيرَ آلِ
نَزلَ الوَحْيُ في التَّرَفُّقِ يالأع
مَى وبْسطِ اليديْنِ للسُّؤَال
سوف تتلو الأجيالُ تاريخَ مِصْرٍ
فأعِدُّوا التاريخَ لِلأَجْيال
بالأيادِي الحِسانِ يُمْحَي دُجَى البؤ
سِ وتَسْمُو الشعوبُ نَحَو الكَمال
يَذْهبُ الفقرُ والثَّراءُ ويَبْقى
مابَنَى الخِّيرونَ من أَعْمال