﴿ (80) قصة اليسع عليه السلام ﴾
۞۞۞۞۞۞۞
وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء ، في سورة " الأنعام " في قوله : وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين
[ الأنعام : 86 ] .
وقال تعالى في سورة " ص " : واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار [ ص : 48 ] .
قال إسحاق بن بشر ، أبو حذيفة : أنبأنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : كان بعد إلياس ، اليسع - عليهما السلام - فمكث ما شاء الله أن يمكث; يدعوهم إلى الله مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته ، حتى قبضه الله ، عز وجل ، إليه ، ثم خلف فيهم الخلوف ، وعظمت فيهم الأحداث والخطايا ، وكثرت الجبابرة ، وقتلوا الأنبياء ، وكان فيهم ملك جبار عنيد طاغ ، ويقال : إنه الذي تكفل له ذو الكفل إن هو تاب وراجع ، دخل الجنة; فسمى ذا الكفل .
قال محمد بن إسحاق : هو اليسع بن أخطوب .
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر ، في حرف الياء من " تاريخه " : اليسع; وهو : الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن [ ص: 286 ] إسحاق بن إبراهيم الخليل .
ويقال : هو ابن عم إلياس النبي ، عليهما السلام .
ويقال : كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك ، ثم ذهب معه إليها ، فلما رفع إلياس خلفه اليسع فى قومه ، ونبأه الله بعده .
ذكر ذلك عبد المنعم بن إدريس بن سنان ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، قال : وقال غيره : كان الأسباط ببانياس .
ثم ذكر ابن عساكر قراءة من قرأ : اليسع ، بالتخفيف وبالتشديد ، ومن قرأ : " الليسع " ، وهو اسم واحد لنبي من الأنبياء .
قلت : قد قدمنا قصة ذي الكفل بعد قصة أيوب ، عليهما السلام; لأنه قد قيل : إنه ابن أيوب ، فالله أعلم بالصواب .
قال ابن جرير وغيره : ثم مرج أمر بني إسرائيل ، وعظمت فيهم الأحداث والخطوب والخطايا ، وقتلوا من قتلوا من الأنبياء ، وسلط الله عليهم بدل الأنبياء ملوكا جبارين يظلمونهم ، ويسفكون دماءهم ، وسلط الله عليهم الأعداء من غيرهم أيضا .
وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء ، يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان ، كما تقدم ذكره ، فكانوا ينصرون ببركته ، وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية ، مما ترك آل موسى وآل هارون ، فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان ، غلبوهم عليه ، وقهروهم على أخذه ، فانتزعوه من أيديهم ، فلما علم بذلك ملك بنى إسرائيل ، في ذلك الزمان ، مالت عنقه فمات كمدا ، وبقي بنو إسرائيل كالغنم بلا راع ، حتى بعث الله فيهم نبيا من الأنبياء يقال له : شمويل .
فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكا ليقاتلوا معه الأعداء ، فكان من أمرهم ما سنذكره مما قص الله في كتابه .
قال ابن جرير فكان بين وفاة يوشع بن نون إلى أن بعث الله عز وجل [ ص: 288 ] شمويل بن بالى ، أربعمائة سنة وستون سنة .
ثم ذكر تفصيلها بمدد الملوك الذين ملكوا عليهم ، وسماهم واحدا واحدا ، تركنا ذكرهم قصدا .