النذر المباح:
سبق أن ذكرنا أنه يصح النذر إذا كان قربة، ولا يصح إذا كان معصية.
وأما النذر مباح مثل أن يقول: لله علي أن أركب هذا القطار أو ألبس هذا الثوب، فقد قال جمهور العلماء: ليس هذا بنذر ولا يلزم به شئ.
روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر وهو يخطب إلى أعرابي قائم في الشمس فقال: ما شأنك؟ قال: نذرت أن لا أزال في الشمس
(1) هذا مذهب الاحناف وأحمد.
(2) رواه مسلم من حديث عمران بن حصين.
(3) جمهور الفقهاء ومنهم المالكية والشافعية.
حتى يفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخطبة.
فقال الرسول: (ليس هذا بنذر، إنما النذر فيما ابتغي به وجه الله) .
وقال أحمد: ينعقد، والناذر يخير بين الوفاء وبين تركه، وتلزمه الكفارة إذا تركه.
ورجح هذا صاحب الروضة الندية فقال: النذر المباح يصدق عليه مسمى النذر، فيدخل تحت العمومات المتضمنة للامر بالوفاء به، ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو داود: (أن امرأة قالت: يا رسول الله إني نذرت إذا انصرفت من غزوتك سالما أن أضرب على رأسك بالدف، فقال لها: أوفي بنذرك) وضرب الدف إذا لم يكن مباحا فهو إما مكروه أو أشد من المكروه، ولا يكون قربة أبدا.
فإن كان مباحا فهو دليل على وجوب الوفاء بالمباح، وإن كان مكروها فالاذن بالوفاء به يدل على الوفاء بالمباح بالاولى.