منتديات العليمى للثقافة
منتديات العليمى للثقافة
منتديات العليمى للثقافة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


تهدف المنتديات إلى احياء الثقافة العامة لانشاء جيل واعى مدرك لاهمية العلم والمعرفة
 
الرئيسيةمرحبا بكم أعضاءالأحداثأحدث الصورAlolemy2018التسجيلدخول

 

 قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (17)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 1696
تاريخ التسجيل : 26/04/2017
العمر : 36
الموقع : محافظة الشرقىة جمهورية مصر العربية

قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (17) Empty
مُساهمةموضوع: قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (17)   قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (17) Icon_minitimeالإثنين يونيو 12, 2017 4:18 am

قصة محمد بن أبي المؤمل:
قلت لمحمد بن أبي المؤمل:
أراك تطعم الطعام وتتخذه، وتنفق المال وتجود به. وليس بين قلة الخبز وكثرته كثير ربح. والناس يبخلون من قل عدد خبزه، ورأوا أرض خوانه. وعلى أني أرى جماجم من يأكل معك أكثر من عدد خبزك. وأنت لو لم تتكلف، ولم تحمل على مالك بإجادته والتكثير منه، ثم أكلت وحدك، لم يلمك الناس، ولم يكترثوا لذلك منك، ولم يقضوا عليك بالبخل ولا بالسخاء، وعشت سليما موفورا، وكنت كواحد من عرض الناس «1» . وأنت لو لم تنفق الحرائب «2» وتبذل المصون «3» ، إلا وأنت راغب في الذكر والشكر، وإلا لتحرز الأجر، فقد صرنا لقلة عدد خبزك من بين الأشياء، نرضى لك الغنيمة بالإياب، ومن غنم الحمد والشكر، بالسلامة من الذم واللوم. فزد في عدد خبزك شيئا، فإن بتلك الزيادة القليلة ينقلب ذلك اللوم شكرا وذلك الذم حمدا. أعلمت أنك لست تخرج من هذا الأمر بعد الكلفة العظيمة سالما، لا لك ولا عليك؟ فانظر في الأمر رحمك الله! قال: يا أبا عثمان، أنت تخطيء، وخطأ العاقل أبدا يكون عظيما، وإن كان في العذر قليلا. لأنه إذا أخطأ أخطأ بنيقة وإحكام «4» . فعلى قدر التفكر والتكلف يبعد من الرشاد «5» ويذهب عن سبيل الصواب.
وما أشك أنك قد نصحت بمبلغ الرأي منك. ولكن خف ما خوفتك، فإنه مخوف. بل الذي أصنع أدل على سخاء النفس بالمأكول، وأدل على الاحتيال ليبالغوا؛ لأن الخبز إذا كثر على الموائد، ورث ذلك النفس صدودا «6» ، وكل شيء من المأكول وغير المأكول، إذا ملأ العين، ملأ. الصدر، وفي ذلك موت الشهوة وتسكين الحركة. ولو أن رجلا جلس على بيدر تمر فائق، وعلى كدس كمثري «1» منعوت، وعلى مائة قنو موز «2» موصوف، لم يكن أكله إلا على قدر استطرافه، ولم يكن أكله على قدر أكله إذا أتي بذلك في طبق نظيف، مع خادم نظيف، عليه منديل نظيف.
وبعد، فأصحابنا آنسون واثقون مسترسلون، يعلمون أن الطعام لهم اتخذ، وأن أكلهم له أوفق من تمزيق الخدم والأتباع له. ولو احتاجوا لدعوا به، ولم يحتشموا منه، ولكان لا أقل من أن يجربوا ذلك المرة والمرتين، وأن لا يقضوا علينا بالبخل دون أن يروناه. فإن كانوا محتشمين وقد بسطناهم، وشاء ظنهم بنا مع ما يرون من الكلفة لهم، فهؤلاء أصحاب تجن وتترع «3» . وليس في طاقتي إعتاب المتجني ولا رد المتترع.
قلت له: إني قد رأيت أكلهم في منازلهم وعند إخوانهم، وفي حالات كثيرة ومواضع مختلفة، ورأيت أكلهم عندك، فرأيت شيئا متفاوتا وأمرا متفاقما. فاحسب أن التجني عليهم غالب، وأن الضعف لهم شامل، وأن سوء الظن يسرع إليهم خاصة، لم لا تداوي هذا الأمر بما لا مؤونة فيه بالشيء الذي لا قدر له، أو تدع دعاءهم والإرسال إليهم والحرص على إجابتهم؟ والقوم ليس يلقون أنفسهم عليك، وإنما يجيئونك بالإستحباب منك. فإن أحببت أن تمتحن ما أقول، فدع مواترة «4» الرسل والكتب، والتغضب عليهم إذا أبطؤوا، ثم انظر.
قال: فان الخبز إذا كثر على الخوان فالفاضل مما يأكلون لا يسلم من. التلطيخ والتغمير «1» . والجردقة الغمرة والرقاقة المتلطخة، لا أقدر أن أنظر إليها، وأستحيي أيضا من إعادتها. فيذهب ذلك الفضل باطلا، والله لا يحب الباطل.
قلت: فإن ناسا يأمرون بمسحه، ويجعلون الثريدة منه. فلو أخذت بزيهم وسلكت سبيلهم، أتى ذلك على ما تريد ونريد.
قال: أفلست أعلم كيف الثريدة، ومن أي شيء هي؟ وكيف أمنع نفسي التوهم وأحول بينها وبين التذكر؟ ولعل القوم أن يعرفوا ذلك على طول الأيام، فيكون هذا قبيحا.
قلت: فتأمر به للعيال؛ فيقوم الحواري «2» المتلطخ مقام الخشكار «3» النظيف. وعلى أن المسح والدلك يأتي على ما تعلق به من الدسم.
قال: عيالي يرحمك الله عيالان: واحد أعظمه عن هذا وأرفعه عنه، وآخر لم يبلغ عندي أن يترف بالحواري.
قلت: فاجعل إذا جميع خبزك الخشكار؛ فإن فضل ما بينه وبين الحواري في الحسن والطيب، لا يقوم بفضل ما بين الحمد والذم.
قال: فههنا رأي هو أعدل الأمور وأقصدها، وهو أنا نحضر هذه الزيادة من الخبز على طبق، ويكون قريبا حيث تناله اليد، فلا يحتاج أحد مع قربه منه إلى أن يدعو به، ويكون قربه من يده كثرة على مائدته.
قلت: فالمانع من طلبه هو المانع من تحويله. فأطعني واخرج هذه الزيادة من مالك كيف شئت. واعلم أن هذه المقايسة وطول هذه المذاكرة، أضر علينا مما نهيتك عنه وأردتك على خلافه. فلما حضر وقت الغداء صوت بغلامه «1» وكان ضخما جهير «2» الصوت، صاحب تقعير «3» وتفخيم وتشديق «4» وهمز «5» وجزم «6» : يا مبشر هات من الخبز تمام عدد الرؤوس.
قلت: ومن فرض لهم هذه الفريضة؟ ومن جزم عليهم هذا الجزم؟
أرأيت أن لم يشبع أحدهم رغيفه أليس لا بد له من أن يعول على رغيف صاحبه، أو يتنحى وعليه بقية، ويعلق يده منتظرا للعادة فقد عاد الأمر وبطل ما تناظرنا فيه.
قال: لا أعلم إلا ترك الطعام البتة؛ أهون علينا من هذه الخصومة.
قلت: هذا ما لا شك فيه، وقد عملت عندي بالصواب، وأخذت لنفسك بالثقة، إن وفيت بهذا القول.
وكان كثيرا ما يقول: يا غلام هات شيئا من قليه «7» وأقل منها وأعد لنا ماء باردا وأكثر منه. وكان يقول: قد تغير كل شيء من أمر الدنيا، وحال عن أمره وتبدل، حتى المؤاكلة. قاتل الله رجالا كنا نؤاكلهم، ما رأيت قصعة قط رفعت من بين أيديهم إلا وفيها فضل. وكانوا يعلمون أن إحضار الجدي إنما هو شيء من آيين «8» الموائد الرفيعة، وإنما جعل كالعاقبة والخاتمة، وكالعلامة لليسر وللفراغ، وأنه لم يحضر للتمزيق والتخريب، وأن أهله لو أرادوا به السوء لقدموه قبل كل شيء لتقع الحدة به. بل ما يأكل منه إذا جيء به إلا العابث، وإلا الذي لو لم يره
لقد كان رفع يده ولم ينتظر غيره. ولذلك قال أبو الحارث جمين، حين رآه لا يمس: «هذا المدفوع عنه» . ولولا أنه على ذلك شاهد الناس، لما قال ما قال. ولقد كانوا يتحامون بيضة البقيلة «1» ، ويدعها كل واحد منهم لصاحبه حتى أن القصعة «2» لقد كانت ترفع البيض خاصة لعلى حاله وأنت اليوم إذا أردت أن تمتع عينك بنظرة واحدة منها، ومن بيض السلاءة «3» لم تقدر على ذلك. لا جرم لقد كان تركه ناس كثير، ما بهم إلا أن يكونوا شركاء من ساءت رعته.
وكان يقول: الآدام «4» أعداء للخبز. وأعداها له المالح. فلولا أن الله انتقم منه وأعان عليه بطلب صاحبه الماء وإكثاره منه، لظننت أنه سيأتي على الحرث والنسل. وكان مع هذا يقول: لو شرب الناس الماء على الطعام ما اتخموا، وأقلهم عليه شربا أكثرهم تخما «5» . وذلك أن الرجل لا يعرف مقدار ما أكل حتى ينال من الماء. وربما كان شبعان وهو لا يدري. فإذا ازداد على مقدار الحاجة بشم «6» . وإذا نال من الماء شيئا بعد شيء، عرفه ذلك مقدار الحاجات، فلم يزد إلا بقدر المصلحة.
والأطباء يعلمون أن ما أقول حق، ولكنهم يعلمون أنهم لو أخذوا بهذا الرأي لتعطلوا، ولذهب المكسب. وما حاجة الناس الى المعالجين إذا صحت أبدانهم؟ وفي قول جميع الناس أن ماء دجلة أمرأ «7» من الفرات وأن ماء مهران أمرأ من ماء نهر بلخ، وفي قول العرب: «هذا ماء نمير
يصلح عليه المال» دليل على أن الماء يمريء، حتى قالوا: «إن الماء الذي يكون عليه النفاطات «1» أمرأ من الماء الذي يكون سليه القيارات «2» فعليكم بشرب الماء على الغداء، فإن ذلك أمرأ» .
وكان يقول: ما بال الرجل إذا قال: «يا غلام اسقني ماء أو اسق فلانا ماء» ، أتاه بقلة على قدر الري، فإذا قال: «أطعمني شيئا» ، أو قال: «هات لفلان طعاما» ، أتاه من الخبز بما يفضل عن الجماعة، والطعام والشراب أخوان متحالفان ومتوازران؟ وكان يقول: لولا رخص الماء وغلاء الخبز، لما كلبوا على الخبز وزهدوا «3» في الماء. والناس أشد تعظيما للمأكول إذا كثر تمنه، أو كان قليلا في أصل منبته وموضع عنصره. هذا الجزر الصافي، وهذا الباقلي الأخضر العباسي، أطيب من كمثري خراسان، ومن المؤز البستاني. ولكنهم لقصر همتهم لا يتشهون إلا على قدر الثمن، ولا يحنون الى إلا على قدر القلة وهذه العوام في شهوات الأطعمة إنما تذهب مع التقليد، أو مع العادة، أو على قدر ما يعظم عندها من شأن الطعام. وأنا لست أطعم الجزر المسلوق بالخل والزيت والمري، دون الكمأة «4» بالزبد والفلفل، لمكان الرخص، أو لموضع الإستفيضال، ولكن لمكان طيبه في الحقيقة، ولأنه صالح للطبيعة.
علم ذلك من علم، وجهل ذلك من جهل.
وكان إذا كان في منزله، فربما دخل عليه الصديق له، وقد كان تقدمه الزائر أو الزائران؛ وكان يستعمل على خوانه من الخدع والمكايد والتدبير ما لم يبلغ بعضه قيس بن زهير «5» ، والمهلب بن أبي صفرة،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www-alolemy-com.yoo7.com
 
قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (17)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (8)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (16)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (1)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (2)
» قِصٌةّ لَطّيِّفِّةّ (9)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العليمى للثقافة :: أهلا بكم :: إسلاميات متنوعة-
انتقل الى: